Interview sur elaph.com

باريس: لم يبد دليل بوبكر عميد مسجد باريس والرئيس السابق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، تفهما للقرار الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شخصيا بحق يوسف القرضاوي بمنعه من دخول التراب الفرنسي.

وربط بوبكر هذا القرار بما حدث في تولوز في إشارة إلى المجازر التي ارتكبها محمد مراح، بل إنه يفيد إيلاف أن الشيخ « قد يكون متواجدا في شمال فرنسا في ليل »، بحسب معلومات يتوفر عليها دون أن يكون متأكدا من ذلك.

وهذا المنع، الذي يقول إنه لم يفهمه، ربما يهدف إلى تعطيل مشاركة الداعية الإسلامي في الجمع العام لاتحاد المنظمات الإسلامية، والتي يشار إليها بكونها مقربة من الإخوان المسلمين، و تعكس التيار الإسلامي المتشدد في مشهد الإسلام الفرنسي.

ويقول بوبكر متحدثا عن القرضاوي كونه « معروفا بدفاعه عن الأقليات المسلمة في أوروبا و شخصيا لم أسمع منه إلا الكلام الطيب عندما التقيته مرة، كانت الأولى والأخيرة، وهو عالم وفقيه متمكن ليس لدي ما أقول فيه ».

ويتابع موضحا « هذه شهادتي بخصوصه التي لا تعنيني إلا أنا، حقيقة لم أسمع منه إلا كلاما طيبا. قد يقول عنه إنه ينشر أفكارا متطرفة أو غير ذلك لما تردد حوله، لكن أنا أقل لك ما سمعته منه… ».

العلاقات الفرنسية القطرية خارج دائرة القرضاوي

وحول إن كان قرار مثل هذا قد يؤثر في العلاقات بين فرنسا وقطر، يرى كريم أملال الباحث في العلوم السياسية العكس، لأنها، بحسبه، « جد قوية و خصوصا بين الأمير و نيكولا ساركوزي. وقرار منع القرضاوي من دخول التراب الفرنسي أخبر بخصوصه الأمير من طرف الرئيس ».

ويعتقد أملال « أن أمير قطر يفضل مصالحه في فرنسا وعلاقاته الطيبة مع الشخصيات السياسية الفرنسية سواء كانوا من اليمين أو اليسار على مجيء مسؤول ديني الذي يبقى، رغم ثقله في قناة الجزيرة، من أصول مصرية و مقرب من الإخوان المسلمين »، يحلل ضيفنا هذا القرار لـ « إيلاف ».

ورغم دوره في الحرب الليبية فهذا لا يمنع من تجاوزه في هذه المحطة من علاقات الطرفين، فالقرضاوي، يوضح أملال، « ما هو إلا ورقة في العلاقات الدبلوماسية المعقدة بين البلدين، زيادة على ذلك، الحرب الليبية انتهت وسواء تعلق الأمر بباريس أو قطر فهما غير محتاجتين اليوم له ».

هذا دون أن يغفل الإشارة إلى أنه « من الضروري أن يستعمل ساركوزي تشديد خطابه ضد الإرهاب بعد قضية تولوز… » في هذا الظرف الانتخابي الذي تعيشه فرنسا، بعد أن تبين أن المتورط في تلك الجرائم محسوب على المتطرفين.

ويؤكد في الإطار نفسه أن إعلان المنع على لسان الرئيس الفرنسي شخصيا، « يدخل في سياق استراتيجية انتخابية، دائما نفسها، و التي تتوخى امتصاص أصوات الجبهة الوطنية.و من هذا المنطلق، تأتي الأحداث التراجيدية في تولوز ومونتوبون لتؤكد هذه الاستراتيجية وخطاب الرئيس المرشح الإسلاموفوبي والمعادي للمهاجرين »، برأي أملال.

القرضاوي… الداعية المعتنق للإسلام السياسي

يوسف القرضاوي كان مدعوا من طرف اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، و ليس هي المرة الأولى التي يزور فيها البلد و إنما سبق أن حلّ بها في مناسبتين مختلفتين كانت إحداها، كما هو موضوع الدعوة التي وجهت له هذه المرة، حضور الجمع العام لاتحاد المنظمات الإسلامية.

سمحت له التكنولوجيا و إشعاع قناة الجزيرة من دخول بيوت ملايين المسلمين في ربوع العالم، كما أنه ظل منذ سنوات مرجعا للاستفتاء في جميع القضايا بالنسبة إلى الجاليات العربية والمغاربية في أوروبا، حيث يعتبر رئيس مجلس الإفتاء الأوروبي.

لا يعد القرضاوي داعية فقط وإنما ارتبط اسمه بالإسلام السياسي كذلك إذ كان يعتبر من بين رموز الإخوان المسلمين في مصر في الستينات، و اعتقل لأكثر من مرة بسبب أفكاره إلى أن جرد من جنسيته فيما حصل على الجنسية القطرية و أسس مركزا في جامعاتها للتجديد و التحديث الإسلامي.

لعب نجم البرنامج التلفزيوني « الشريعة و الحياة » دورا رياديا في الدعوة إلى « الجهاد » في خضم الربيع العربي، لا سيما في ليبيا، التي انخرط في حربها الرئيس الفرنسي بشكل شخصي، و كان بالنسبة إلى قطر كذلك ذراعها الدينية في حربها الدبلوماسية على بعض الأنظمة العربية بما فيها نظام القذافي.

القرضاوي الذي وقع العديد من الكتب الدينية، الأكثر انتشارا منها كتاب « الحلال والحرام في الإسلام »، و الذي قالت عنه مجلة الإكسبريس إنه الأفضل مبيعا في العالم الإسلامي بعد القرآن، ينتقد من طرف الأوساط التقدمية العربية و الغربية لمواقفه من قضايا المرأة و إصراره على خلط الدين بالسياسة.

وإن كان ينظر له البعض في الدول الإسلامية أنه داعية معتدل، لا يضيره الإفتاء في أي شيء، حتى وإن تعلق الأمر بسلوكيات جنسية، إلا أنه في المقابل لا يخفي دعمه لحماس التي تضعها باريس ضمن قائمة المنظمات الإرهابية ما يعني بالنسبة إلى البعض تشجيعه للعنف مقابل الحلول السلمية.

وأخطر تصريح له كان بخصوص اليهود حيث حاول أن يربط بتبريرات إلهية ما لحق بهم من مآسٍ خلال تاريخهم، و على الخصوص من طرف زعيم النازية هتلر، وهو ما يعتبر إعلانا صريحا لمعاداة السامية ليس في فرنسا فقط وإنما في عدد من البلدان الأوروبية.

ويتحدث القرضاوي في خطبه انطلاقا من مفهوم سياسي معين للإسلام عندما يتعلق الأمر بحضارات أخرى غير إسلامية.فهو يبشر بلغة الغزاة أن الإسلام سيعود إلى أوروبا كمنتصر بعد أن تم طرده منها في مناسبتين اثنتين، ليس بالسيف، يوضح الشيخ، و إنما بنشر الدعوة و الفكر.

وكان الشيخ يوسف القرضاوي كاتب في العام 2003 الرئيس الفرنسي جاك شيراك داعيا إياه إلى التخلي عن قانون منع ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية، الذي خلق وقتها جدلا حادًّا في الأوساط الفرنسية المجتمعية والإعلامية والسياسية.

محمود المصري هو بدوره غير مرحب به على التراب الفرنسي، والمنع، بحسب تعليل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نفسه، راجع إلى كونهما « يتبنّيان خطابا لا ينسجم مع الفكر الجمهوري »، و هذا القرار شددت عليه باقي أهم المكونات السياسية الفرنسية سواء من اليسار ممثلا في الحزب الاشتراكي أو اليمين المتطرف الجبهة الوطنية.

وقال مدير الاتصال لدى مرشح الاشتراكيين إيمانويل فالس « إنه لأمر غير مقبول أن فردا كهذا يمكن له أن يطأ التراب الفرنسي وفي ظرف أليم كهذا الذي عشناه قبل أيام »، في إشارة إلى أحداث تولوز و مونتوبون.

Votre commentaire

Entrez vos coordonnées ci-dessous ou cliquez sur une icône pour vous connecter:

Logo WordPress.com

Vous commentez à l’aide de votre compte WordPress.com. Déconnexion /  Changer )

Photo Facebook

Vous commentez à l’aide de votre compte Facebook. Déconnexion /  Changer )

Connexion à %s